العمارة الإسلامية في الأندلس .. تاريخ لا ينكر

تعتبر العمارة الإسلامية في الأندلس بمثابة كنز في قلب أوروبا، والأندلس قديما كانت الجزء الذي يحكمه المسلمون في شبه جزيرة أيبيريا ،بينما تمثل الأندلس حاليا دولتي (أسبانيا والبرتغال).فتمثلت العمارة الإسلامية في أروع المساجد،القلاع،القصور والمنارات في القارة بأسرها. و طوال الفترة التي حكم فيها المسلمون الأندلس من(711:1492)م والتي كانت أكثر الفترات التاريخية ثراءا في العمارة في الأندلس،وستستمر إلى الأبد منها مازال موجود إلى يومنا هذا،ومنها ما تهدم ،ومنها ما بقيت آثاره ولكن لا يمكن إنكار هذا التاريخ.
أهم نماذج العمارة الإسلامية في الأندلس
مسجد قرطبة:يعرف ب (المسجد الجامع) أو (مسجد الكاتدرائية) ويقع هذا المسجد فوق بقعة صخرية جنوب غربي المدينة على مقربة من القنطرة العربية القديمة،على نهر الوادي الكبير،وتحيط به الدروب الضيقة من جوانبه الأربعة.و قام بتأسيس هذا المسجد الخليفة عبد الرحمن الأول عام787م واستمر تأسيس هذا المسجد لسنوات طويلة بتتابع الخلفاء الذين حكموا الأندلس وكل خليفة أضاف تعديلات وتوسيعات في المسجد ولكن من العجيب أنه أخذ نمط وشكل واحد في النهاية وكأنه تم بناؤه في عصر واحد. ويقارب بشكل ما المسجد الأموي الكبير الموجود بدمشق .
مدينة الزهراء: تقع منطقة الزهراء إلى الشرق من قرطبة وتعد من أشهر المشيدات العمرانية في فترة الإمارة العربية والخلافة الأموية،بناها الخليفة الأموي عبد الرحمن الناصر (عبد الرحمن الثالث) وكان ذلك عام (300:350)ه تخليدا لاسم زوجته وتشتمل هذه المدينة على ثلاث مدن متدرجة في البناء عثر عليها المعمار الإسباني قلاكسيز عام 1910 م وتنحدر نحو الوادي الكبير ولكل منها سورا خاص بها،وأعلاها القصور والبساتين والجنان في الثانية ،وفي الثالثة الديار والجامع.وتم إعلان مدينة الزهراء عام 2018 إحدى مواقع التراث الإنساني الخاص باليونسكو .
قصر الحمراء:امتد تشييد هذا القصر حتى سنة 793 ه/1391م ويعد من أهم الصروح المعمارية التي تبرز جمال الفن الإسلامي وتزيين في الأندلس،ومخطط القصر ما يزال واضحاً في مجموعات ثلاث هي: المشور، حيث كان السلطان يتولى الأحكام ويلتقي الرعايا، والديوان المخصص للاستقبالات الرسمية وفيه قاعة العرش؛ والحريم المخصص لمخادع السلطان وفيه باحة الأسود. وفي القصر بناء منخفض يعرف اليوم باسم باتيو دل مكسار Patio del Mexuar فيه مجلس القاضي ومصلّى صغير.و يعود القسم الأكبر في بناء القصر إلى عهد السلطان أبي الحجاج بن يوسف عام 734:756 ه ثم أعقبه السلطان محمد الغني بالله عام 755:793 ه واستكمل بنائه.
قصبة مالقة:
قام ببنائها بنو حمدو في القرن الحادي عشر الميلادي وتعد قلعة ذات جدران مزدوجة ومداخل محصنة،نموذجا للمنشآت العسكرية في عهد ملوك الطوائف،وتشبه في تصميمها قلعة الحصن في سوريا،وتجمع بين أبراج ذات الفتحات للسهام وبين العوامل الجمالية التي تميز القصور العربية ذات الحدائق والنوافير وذلك من خلال موقعها المتميز المطل على المدينة والخليج .وتعد أكثر قلعة وحصن بحالة جيدة في أسبانيا.
جيرالدا أشبيليه:ازداد الفن الأندلسي أصالة خلال حقبة المرابطين والموحدين بين القرن 5:7 ه حيث أعطوا الأولوية والاهتمام الأكبر للعمارة .ومن أهم الآثار الباقية إلى اليوم مئذنة الجامع الكبير في إشبيلية التي تعرف باسم “الجيرالدا”، وقد شرع ببنائها سنة 584هـ/1188م المهندس جابر في عهد الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن وبنيت في عهد ابنه الخليفة المنصور أبي يوسف يعقوب بن يوسف، وكان يتابع بنائها بنفسه، والمئذنة مبنية من الآجر.
وقد اندثر هذا المسجد اليوم ولم يبق منه سوى المئذنة التي تحولت إلى برج لجرس الكاتدرائية الكبيرة. وهي من المشيدات المعمارية المهمة في الفن العربي الإسلامي في الأندلس لأنها تبرز قدرة الفنانين الأندلسيين على الربط بين ضخامة العمارة ودقة التزيينات. يبلغ إرتفاع الجيرالدا 103 متر، وقد ظلت أطول مبنى في إشبيلية لما يزيد عن 800 عام. وتعود المعلومات التي نعرفها عن الجيرالدا إلى مؤرخ عربي كان يعيش في تلك الحقبة وسجل جميع المحطات الهامة بها، وإحدى المعلومات التي نعرفها هي أن المهندس الذي قام ببناء المسجد والمنارة هو أحمد بن باسو.
وتعد أيضا جيرالدا أشبيليه من مواقع التراث الإنساني الخاص باليونسكو.