فارس الخوري الرئيس السوري طارد الاستعمار الفرنسي..من هو؟

من هو فارس الخوري؟
فارس الخوري، رجل دولة سوري مسيحي ووزير ورئيس وزراء ورئيس برلمان وهو الأب الروحي للسياسة السورية المعاصرة؛ ولد في قرية الكفير التابعة حاليا لقضاء حاصبيا (حالياً بلبنان، التي كانت آنذاك جزءاً من سوريا). وفي عام 1914، انتخب نائباً عن دمشق في مجلس مبعوثان العثماني.
له تاريخ طويل من النضال ضد العثمانيين ثم ضد الفرنسيين.
أصبح فارس الخوري رئيساً لوزراء سوريا من 14 أكتوبر 1944 إلى 1 اكتوبر 1945 ومن اكتوبر 1954 إلى 13 فبراير 1955. ارتقاء الخوري لأعلى مصاف السياسة السورية كان مثار اعجاب، لكونه مسيحياً وهو دلالة على روح التسامح السائدة آنذاك. ومنصبه كرئيس وزراء هو، حتى اليوم، أعلى منصب لسياسي مسيحي سوري.
ترجع شعبية فارس الخوري بين ناخبيه إلى مواقفه القومية والوطنية والعلمانية. ولكونه قومي سوري، فلم يقايض على مبادئه وكان معارضاً للوحدة العربية وللوحدة بين سوريا ومصر.
فقد رأى الوحدة مع مصر خطأ كبيراً، مما جعله يستقيل من منصبه كرئيس للوزراء في 1958. وقد خدم بلاده طيلة 50 سنة. وهو جد الروائية السورية كوليت خوري.
من مواقفه الشهيرة ضد الاستعمار الفرنسي
في الاجتماع الذي عقد في مقر الأمم المتحدة عام 1947م الذي طالبت به سوريا من أجل رفع الانتداب الفرنسي عنها، حضر الرئيس السوري فارس الخوري قبل الموعد بدقائق..
اتجه مباشرة إلى مقعد المندوب الفرنسي لدى الأمم المتحدة وجلس على الكرسي المخصص لفرنسا!
وبدأ السفراء بالتوافد إلى مقر الأمم المتحدة بدون إخفاء دهشتهم من جلوس فارس بيك المعروف برجاحة عقله وسعة علمه وثقافته في المقعد المخصص للمندوب الفرنسي، تاركاً المقعد المخصص لسوريا فارغُا.
فدخل المندوب الفرنسي، ووجد فارس بيك يحتل مقعد فرنسا في الجلسة فتوجه إليه وبدأ يخبره أن هذا المقعد مخصص لفرنسا ولهذا وضع أمامه علم فرنسا، وأشار له إلى مكان وجود مقعد سوريا مستدلاً عليه بعلم سوريا. ولكن فارس بيك لم يحرك ساكناً بل بقي ينظر إلى ساعته. ?استمر المندوب الفرنسي في محاولة إفهام فارس بك بأن الكرسي المخصص له في الجهة الأخرى ولكن فارس بك استمر بالتحديق إلى ساعته.
بدأ صبر المندوب الفرنسي بالنفاذ واستخدم عبارات لاذعة واهتاج ولولا تدخل سفراء الأمم الأخرى بينه وبين عنق فارس لكان خنقه وعند الدقيقة الخامسة والعشرين،
تنحنح فارس بك ووضع ساعته في جيبه ووقف بابتسامة عريضة تعلو شفاهه. وقال للمندوب الفرنسي: “سعادة السفير، جلستُ على مقعدك لمدة خمس وعشرين دقيقة، فكدت تقتلني غضباً وخنقا وسوريا استحملت سفالة جنودكم خمس وعشرين سنة، وآن لها أن تستقل”.
وفي هذه الجلسة نالت سوريا استقلالها، عام 1947م، وتم جلي آخر جندي فرنسي عن سوريا وكان فارس الخوري رئيس وزراء سورية 1944م.
أول مسيحي يصبح وزيرا للأوقاف الإسلامية
وفي ذات التاريخ أصبح وزيراً للأوقاف الإسلامية وهو مسيحي، وعندما اعترض البعض، خرج نائب الكتلة الإسلامية في المجلس آنذاك عبد الحميد طباع ليتصدى للمعترضين قائلا:
إننا نؤّمن فارس بك الخوري (المسيحي) على أوقافنا أكثر مما نؤمن أنفسنا فأحد الأيام ﺃﺑﻠﻐﻪ ﺍﻟﺠﻨﺮﺍﻝ ﻏﻮﺭﻭ ﺃﻥ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺟﺎﺀﺕ ﺇﻟﻰ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺔ ﻣﺴﻴﺤﻴﻲ ﺍﻟﺸﺮﻕ، ﻓﻤﺎ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﻓﺎﺭﺱ ﺍﻟﺨﻮﺭﻱ ﺇﻻ ﺃﻥ ﻗﺼﺪ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮي في ﻳﻮﻡ ﺟﻤﻌﺔ ﻭﺻﻌﺪ ﺇﻟﻰ ﻣﻨﺒﺮ ﻭﻗﺎﻝ:
ﺇﺫﺍ ﻛﺎﻧﺖ ﻓﺮﻧﺴﺎ ﺗدّعي ﺃﻧﻬﺎ ﺍﺣﺘﻠﺖ ﺳﻮﺭﻳﺔ ﻟﺤﻤﺎﻳﺘﻨﺎ ﻧﺤﻦ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ، ﻓﺄﻧﺎ ﻛﻤﺴﻴﺤﻲ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﻨﺒﺮ ﺃﺷﻬﺪ ﺃﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﻓﺄﻗﺒﻞ ﻋﻠﻴﻪ ﻣﺼﻠﻮ ﺍﻟﺠﺎﻣﻊ ﺍﻷﻣﻮﻱ ﻭﺣﻤﻠﻮﻩ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺘﺎﻑ ﻭﺧﺮﺟﻮﺍ ﺑﻪ ﺇﻟﻰ ﺃﺣﻴﺎﺀ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻘﺪﻳﻤﺔ، ﻓي ﻣﺸﻬﺪ ﻭﻃﻨﻲ ﺗﺬﻛﺮﺗﻪ ﺩﻣﺸﻖ ﻃﻮﻳﻼً ﻭﺧﺮﺝ ﺃﻫﺎﻟﻲ ﺩﻣﺸﻖ ﺍﻟﻤﺴﻴﺤﻴﻴﻦ ﻳﻮﻣﻬﺎ ﻓﻲ ﻣﻈﺎﻫﺮﺍﺕ ﺣﺎﺷﺪﺓ ﻣﻸﺕ ﺩﻣﺸﻖ ﻭﻫﻢ ﻳﻬﺘﻔﻮﻥ ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ.
موقفه من القضية الفلسطينية
أيضا من ضمن تلك المواقف الشهيرة موقفه بشأن فلسطين حيث صرح “بأن قضية فلسطين لا تُحل في أروقة مجلس الأمن ولكنها تُحل على ثرى فلسطين” جاء هذا في كتاب (هتاف المجد) لعلي الطنطاوي وقد عاصره.
توفي فارس الخوري مساء الثلاثاء 2 كانون الثاني 1962، في مستشفى السادات بدمشق وما زالت مواقفه تشهد له بالوطنية وحبه لبلده.